هل سياسة “الصبر النشط” تحمي الاقتصاد الأمريكي من تداعيات خفض الفائدة؟

سوزان كولينز, الفائدة الفيدرالية, الاقتصاد الأمريكي, التضخم, الرسوم الجمركية
WASHINGTON, DC - FEBRUARY 01: U.S. Sen. Susan Collins (R-ME) speaks during a news conference on Capitol Hill February 1, 2011 in Washington, DC. Sen. Joseph Lieberman (I-CT) and Collins discussed the release of a report that says that less than one percent of the 4,000-mile U.S.-Canada border is monitored by U.S. border officials. (Photo by Alex Wong/Getty Images)

هل سياسة “الصبر النشط” تحمي الاقتصاد الأمريكي من تداعيات خفض الفائدة؟

في عالم الاقتصاد المتقلب، تتخذ البنوك المركزية قرارات مصيرية تؤثر على حياة الجميع. ومن بين هذه القرارات، تبرز مسألة أسعار الفائدة كأحد أهم الأدوات التي تستخدمها البنوك لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ولكن ماذا يحدث عندما تتعارض رغبات السياسيين مع رؤية الاقتصاديين؟ هذا ما نناقشه اليوم.

ما هي “سياسة الصبر النشط” التي تدعو إليها سوزان كولينز؟

أشارت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، سوزان كولينز، إلى أنها ما زالت ترى أن البنك المركزي الأمريكي يمكنه التحلي بالصبر في التفكير بخفض أسعار الفائدة. وأوضحت أن ميزانيات الشركات والعائلات في وضع جيد، ما قد يخفف من تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد. بمعنى آخر، ترى كولينز أن الاقتصاد قوي بما يكفي لتحمل بعض الصدمات، وأن التسرع في خفض الفائدة قد لا يكون الخيار الأفضل.

وقالت كولينز في كلمة معدة مسبقًا أمام الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال في واشنطن: “الظروف الاقتصادية العامة لا تزال قوية، مما يتيح للاحتياطي الفيدرالي الوقت لتقييم البيانات الجديدة بعناية.” وأضافت: “لذلك، في رأيي، يظل نهج ‘الصبر النشط’ مناسبًا للسياسة النقدية في الوقت الحالي.”

ولكن ما الذي يعنيه “الصبر النشط” بالضبط؟ يعني ببساطة أن البنك المركزي يراقب الوضع الاقتصادي عن كثب، ويحلل البيانات بعناية، قبل اتخاذ أي قرار بشأن أسعار الفائدة. إنه ليس صبراً سلبياً، بل هو صبر مصحوب بالدراسة والتحليل المستمر.

لماذا تتردد كولينز في خفض الفائدة؟

عدة عوامل تدفع كولينز إلى تبني هذا الموقف الحذر:

  • قوة الاقتصاد: ترى كولينز أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويًا، وأن الشركات والعائلات في وضع مالي جيد. وهذا يعني أن الاقتصاد قادر على تحمل أسعار الفائدة الحالية، ولا يحتاج إلى تحفيز إضافي من خلال خفض الفائدة.
  • تأثير الرسوم الجمركية: ترى كولينز أن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد قد يكون أقل حدة مما يتوقع البعض. وتعتقد أن الشركات قد تكون قادرة على امتصاص جزء من هذه الرسوم عن طريق تقليل هوامش أرباحها، وأن المستهلكين قد يستمرون في الإنفاق حتى مع ارتفاع الأسعار.
  • بيانات التضخم: أشارت بيانات أسعار المستهلكين التي صدرت مؤخرًا إلى أن التضخم الأساسي كان أقل من المتوقع للشهر الخامس على التوالي. ومع ذلك، أظهرت البيانات أيضًا أن الرسوم الجمركية بدأت تؤثر على أسعار بعض السلع.

كيف يمكن لسياسة “الصبر النشط” أن تحمي الاقتصاد؟

خفض أسعار الفائدة يمكن أن يكون له آثار جانبية سلبية، مثل:

  • زيادة التضخم: خفض الفائدة يزيد من المعروض النقدي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
  • تشجيع المخاطرة: أسعار الفائدة المنخفضة تشجع المستثمرين على البحث عن عوائد أعلى في استثمارات أكثر خطورة.
  • تآكل قيمة العملة: خفض الفائدة قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي.

من خلال التحلي بالصبر، يمكن للاحتياطي الفيدرالي تجنب هذه المخاطر، والتأكد من أن أي خفض في أسعار الفائدة يتم في الوقت المناسب، وعندما يكون له تأثير إيجابي صافي على الاقتصاد.

تأثير الرسوم الجمركية: هل هو بهذا السوء؟

تقول كولينز: “بشكل عام، تشير البيانات المالية إلى أن تأثير الرسوم الجمركية قد يضعف بسبب قيام الشركات بتخفيض هوامش أرباحها وقدرة المستهلكين على مواصلة الإنفاق في ظل ارتفاع الأسعار.” وأضافت: “لذلك، قد يكون التأثير السلبي للرسوم الجمركية على أوضاع سوق العمل والنمو الاقتصادي أكثر محدودية.”

وهذا يعني أن الشركات قد تكون قادرة على التكيف مع الرسوم الجمركية، وأن المستهلكين قد لا يشعرون بتأثيرها بشكل كبير. ولكن هل هذا يعني أن الرسوم الجمركية ليس لها أي تأثير سلبي على الإطلاق؟ بالطبع لا. الرسوم الجمركية تزيد من تكلفة الإنتاج، وقد تؤدي إلى خسائر في الوظائف، وتباطؤ في النمو الاقتصادي. ولكن كولينز ترى أن هذه الآثار قد تكون محدودة.

روابط ذات صلة:

ماذا عن التضخم؟

ذكرت كولينز أيضًا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن طور “طريقة جديدة لقياس كيفية انتقال ارتفاع الأسعار على الحدود الأمريكية إلى أسعار المستهلك المحلي.” وتتوقع أن مقياس التضخم الأساسي المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي “قد يقترب من 3٪ بحلول نهاية هذا العام، ثم يعود إلى الانخفاض.” وفي مايو، بلغ هذا المؤشر 2.7٪.

إذًا، التضخم لا يزال تحت السيطرة، ولكن هناك بعض المخاوف بشأن ارتفاعه في المستقبل. وهذا يضيف سببًا آخر للاحتياطي الفيدرالي للتحلي بالصبر، ومراقبة الوضع عن كثب.

هل ترامب على حق بشأن خفض الفائدة؟

لطالما دعا الرئيس السابق دونالد ترامب إلى خفض أسعار الفائدة، بحجة أن ذلك سيساعد على تحفيز النمو الاقتصادي. وفي الواقع، طالب ترامب بخفض معدل الفائدة الفيدرالية إلى 1%. ولكن هل كان ترامب على حق؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة. خفض أسعار الفائدة يمكن أن يكون له فوائد، مثل زيادة الاستثمار، وخلق الوظائف، وتحسين النمو الاقتصادي. ولكن كما ذكرنا سابقًا، يمكن أن يكون له أيضًا آثار جانبية سلبية. لذلك، يجب الموازنة بين الفوائد والمخاطر قبل اتخاذ أي قرار.

الخلاصة: الحكمة تقتضي التريث

في الختام، يبدو أن سوزان كولينز تتبنى موقفًا حكيمًا من خلال الدعوة إلى “سياسة الصبر النشط”. الاقتصاد الأمريكي يواجه تحديات، ولكن يبدو أنه قوي بما يكفي لتحملها. التسرع في خفض أسعار الفائدة قد يكون له آثار جانبية سلبية، لذلك من الأفضل الانتظار، ومراقبة الوضع عن كثب، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات المتاحة.

ما رأيك؟ هل تتفق مع سوزان كولينز بشأن ضرورة التحلي بالصبر؟ أم تعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يخفض أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن؟ شاركنا رأيك في التعليقات!

دعوة للعمل: تابعنا للمزيد من التحليلات الاقتصادية المفصلة، واشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد!